|| قف الآن وتمرّى
لو أنّك لا تموت
لو تبقى لفترة أطول قليلًا من حبل الغسيل
أو أكثر مرونة من الماء
من الهواء في ثقوب الناي لوَّح للغرباء والحقول
لو أنّك تشاء ما نشاء
أو تكتفي من البحر بنشيد الموج للشطآن
لو أنك تخون المكان
أو تخترع سببًا آخر للنسيان
كي نذهب جميعًا في صحن اللجوء دون معنى
لو تبقى معنا
كي ندرك الفرق بين الفستق وحجارة الصوّان
لماذا تصرّ على الذهاب؟
على الغياب
على الموت وحيدًا كالمطر في الصحراء البعيدة؟
لماذا تهرب من الجريدة؟
من قهوة الرفاق في الأحياء تحت ظلِّ المدينة القديمة
من اللقاءات الحميمة
والأماسي المفعمة بكل أسباب الضحك وجولات النميمة
ما الذي يغريك بالرحيل؟
بالخروج من الدائرة والتفاصيل؟
أتكون أدركت في آخر الأمر سرَّ الحياة فآثرت النجاة!
أم أنّك مللت من التذكار
من الأخبار
من تكاثر الصور على الجدران
صور الراحلين في الذاكرات المحترقة وفي الدوار!
يا وجهنا الذاهب في طحين الغياب والأسرار
في الحصار
في لغة العشبِ تحت سوط الشمس
تجلده دون سببٍ واضحٍ
كي يجفّ قبل أوان البرتقال وانفجارات الطقس
أو يخف فيطير نحو الأعلى
قف الآن ...
قف الآن على خيط الضوء وتجلّى
هذا أوان الذكريات تنقر الرأس كمطرٍ قد تدلّى
أرأيت الطير كيف صلّى؟
أرأيت الماء كيف الماء تخلى؟
ماذا على المسافر من طول المسافة بين بلدين غريبين
بين أمرين اختلفا على التفاصيل
ماذا على التبغ من رُطب النخيل؟
وماذا على القاتل من دم القتيل؟
لا وجه يحدّ وجهك أيها الغريب سوى البلاد
ولا بلاد ترحل عن أهلها
كي تبحث في القواميس عن الوجود والهوية
فابق معنا قليلًا
كي نعدّ لك الشاي والزعتر الذي تحبّ
لا تنسحب
كي لا نفقد التوازن فجأة أو نغترب
وامنحنا وقتًا إضافيًا كي ننتحب
أو نضطرب
من قال أنّنا نستطيع الحياة في ظلّ الذبحة الصدرية
نحن أبطأ كثيرًا من خطوة الزمان
الذي تعرّى
أبطأ من النسيان مهما أغرى
ومن الماء الذي يحاول صعود الجبل دون مجرى
لكننا أسرع من الموت
إذا قلت وداعًا ومضيت إلى الجهة الأخرى
نحن مراياك أيّها الغريب
فقف الآن
قف الآن أمام وجوهنا قبل الغياب وتمرّى .
#ناصر_قواسمي
تعليقات
إرسال تعليق