حيد حيد يا سحيب سو|| بقلم الكاتبة و الإعلامية: صباح خضراوي _ تونس


 "حَيِّدْ،حَيِّدْ ياسْحَيّبْ سَوْ'


.......تتجهّمُ السّماءُ فجأةً،منذِرةً بسيولٍ يكتنزُها رحمٌ مِدرارٌ......تصِرُّ العمّةُ مبروكة على البقاء في المرعى حيث شُويْهاتها تلوكُ بنهمٍ عشبًا نديًّا،رغم علمِها بٱقتراب العاصفة،يناديها ٱبنُها حاثًّا إيّاها على العودة سريعًا إلى "الدّوّار"،فالمسلكُ طينيٌّ وهما لايقدران على السّير فيه مع "رسْلة" من شويْهاتٍ ترافقُها خراف صغيرة لاحول لها ولا قوة....

تركض العمّة مبروكة تجمع شويهاتِها_على مضضٍ_ فهي لاتملك ثمن "العلف" إذا جادت السماء بما تكتنزه، وظلّت الشياه بلا مرعى لأيّامٍ ،والجارُ "عمّار" لن يجلب لها "الڨرط" من "السوڨ" إلاّ وثمنُه في كفّهِ "كارطة تحكّ كارطة"كما يردّد دائما أمامها،وهي التي تجد نفسها مرغمةً على ٱنتظار "المانْدَة" التي يرسلُها لها زوجها كلّ شهر،زوجٌ تشقّقت كفوفه من "المرمّة" في حضائر "جربة".....ذلك المبلغ الذي تسدّد منه ديون "السدّاري" و"الڨرط" لعمّار ،صاحب "النّقل" الوحيد في" الدّوّار" وتترك ماتبقّى لها من أجل شراء لوازم البيت،أوما قد يستحقّه إبنُها "وديع" في المدرسة.

تحثّ العمّة مبروكة الخطى بقدميْن مرهقتيْن،قد أثقلهما الطّين ،تستحثُّ شويهاتها على الرّكض ،متشبّثةً بيدِ إبنِها بينما يهطلُ المطر بغزارةٍ فيما  لا تكاد ترى شيئًا،سوى مسلكٍ طويلٍ قد غطّتُه السّيولُ ،"والدوّارُ" لايزالُ بعيدًا عن أنظارها ....

تُرعِدُ السّماء ،فتتسارعُ دقّات قلبها،وتتمسّك بيدِ صغيرِها تضمّهُ إليها وقد بلّلهما المطرُ وغمرتهما قشعريرةٌ لم تعد تعي أهو البرد أمِ الخوفُ...أمْ كلاهما معًا.......فأسرعتْ تفكُّ"فولارة" حمراء  كانت تلفّ  رأسها تلوّحُ بها يمْنةً ويسْرةً: "حيّدْ،حيّدْ ياسْحيّبْ سوْ"...لتنطلق من حنجرتِها زغرودة تبدّد صمت المكان وتنثرُ بعض طمأنينة في قلب الفتى الوجِلِ......

نصّ: صباح الخضراوي .

الرڨاب 18 ديسمبر 2020

تعليقات

إرسال تعليق