رقصة الخزاف// بقلم القاصة : أماني عبدلي _ تونس


 كل يوم أراه قابعا وحيدا تحت جذع نخلة كبيرة اتخذتها الطيور مكانا آمنا لها كان يريد ان يستمتع بزقزقة العصافير و خشخشة العراجين اليابسة أو ربما كان يبحث عن السكينة  التي لم يجدها لا في البيت و لا في المقهى ...ربما يختلي بنفسه لينسى  كل مشاكل الحياة و آلامها .

بطريقة سهلة تمدد تحت ظل هذه النخلة و أغمض عينيه  يستنشق عبير الهواء النقي .لا ضجيح ..لا صخب ...لا أصوات تزعجه ..لا حركة تعكر صفو خلوته  .أمسك قلمه و دفتره و غرق في عالم من التخيلات ..عالم يبنيه هو ..عالم يخصه وحده و يميزه .يمكنه أن يصنع شخصياته ، يعطي كل منهم ما يراه مناسبا من الأدوار ، ينسج قوانينه و أحداثه كما يريد .تراه أحيانا يبني عبر كلماته عالما لا وجود فيه لا للشر و لا للحقد و لا للكراهية ...عالم تكون المحبة سماءه و الأخوة أرضه و التضامن هواءه و التعاون عماده ...عالم جميل بمجرد قراءتك للكلمات تحس بالنشوة و الأمل و الأمان فتبحر في هذا العالم و تنسى الواقع التعيس . و أحيانا أخرى يبني عالما مظلما لا وجود فيه سوى للحزن و الألم و المعاناة و هو واقعنا الذي انمحت منه القيم و دمره التقليد الأعمى .فتنزل دموع حارقة من عينيه و مع كل دمعة تنزل يشعر بأن الحزن القابع في قلبه يتضاءل فتنهمر الدموع بغزارة لتوقفه عن اكمال بنائه لهذا العالم و كأنها تفعل ذلك عمدا كأن كل دمعة تسقط تقول :"لا  أرجوك توقف صحيح أن الواقع مرير و لكن لا تستسلم يمكنك تغييره بامكانك ذلك ثق بأن الدنيا هي امتحان الله لنا علينا أن نصبر الصبر ثم الصبر ثم الصبر إياك أن تيأس من رحمة الله وواجبك أن تبعث الأمل في قلوب من حطمهم الحزن و ضاقت بهم الحياة.  فهذا العالم باتت الثقة العمياء  فيه مستحيلة أحيانا. لا تخيب أمل هؤلاء اليتامى الذين لم يجدوا صديقا حقيقيا يكون صادقا معهم رغم كثرة  الأشخاص من حولهم ...الذين لم يجدوا أمهات  و آباء  يشعرون بهم و يشاركونهم حياتهم و أمهاتهم و آباءهم بجانبهم لكن التكنولوجيا شغلتهم عنهم ....الذين اتخذوا الكتاب خير جليس و صديق و الفنون وسيلة للتعبير عن الأحاسيس....كلهم بحاجة اليك فلا تخذلهم ". يتوقف عن اكمال عالمه المظلم ليضيف شخصيات جديدة و أحداث تغير في سياقه فتحوله إلى عالم جميل يمثل المستقبل الذي سنبنيه إذا تسلحنا بالتضامن و الحب و الأخوة و التعاون .....

#أماني عبدلي

تعليقات