القصيدة
عصفور يحط فوق قبر
ينقر الشاهدة
#الشاعر رضا العبيدي
قراءة في النص بقلم :الشاعرة اسمهان الماجري
يقول بول ريكور :إن مهنة التأويلية هي أن تفسر العالم في مواجهة النص
الشعر بهذا تفسير للعالم وفك لشفراته عن طريق اللغة والمجاز ،فالإنسان العادي يعيش وسط العالم ،أما الشاعر فيقف قبالته بتأهب وجدية وأحيانا بتأهب وعبثية لا تخلوا من الجدية ،وكأن هذا العالم سبورة مليئة بالكتابة لكن على الشاعر أن يقرأ ماكتب بلغة أخرى وخيال آخر ،عليه أن يؤول العالم لا أن يفسره بسطحية والتأويل نتيجة للتفسير الأقرب ولا نقول الأصح لأنه لا صحيح في التأويلية كما يقول ريكور ،الشعر معول يحفر بجهد باطن الوجود ،وما الوجود إلا ثنائية الموت والحياة ،القبر والعصفور ،السكون سكون المقابر والنقر الذي يزعج هذا السكون بموسيقى الحركية والحياة ،عصفور صغير في مواجهة أكبر عدو للإنسان وهو الموت ،القصيدة العصفور .الكتابة العصفور ،الشعر العصفور ،وهو مايحيلني على استعانة المصريين قديما بالطيور في الكتابة الهيروغليفية التى تعتمد على التصوير كطير البوم وغيره ،ولكن الشاعر لم يختر طيرا يحمل معاني السوداوية كالبومة أو الغراب رغم الإطار أو السياق السوداوي سياق اللاوجود ،سياق الموت ،وهنا تكمن شاعرية المتناقضات وجماليتها ،عالم الموت لصيق بعالم الحياة وفي المكان نفسه ،مما يحيلنا على تفسير العالم في مواجهة النص كما قال ريكور ،هذا النص لوحة بسيطة وشاعريتها تأتت من بساطتها ،فهي لوحة واقعية لا خيالية ،فالعصافير كثيرا ماتحط على القبور في الواقع لا في الشعر ،لكن هنا تتحول لمجاز لأنها دخلت عالم الكتابة وعالم الومضات الشعرية تحديدا ،فأن ترى عصفورا ينقر شاهدة قبر ليس هو الأمر نفسه: أن تقرأ ذلك في نص ما .الشاعر بهذا يدعو للحرية والانعتاق والطيران والطيران معنى متعدد التاويلات لعل منها معنى كتابة الشعر .العصفور قصيد والطائر عموما هو رمز تخلص الروح من عبودية الأرض حسب قول عالم الأساطير جوزيف كامبل
ولعل العصفور وهو ينقر شاهدة القبر يريد بث الحياة فيه ،والقصيدة عصفور بالتالي هي تبث الحياة في كل شيء ميت وفي حياة عادية دون خيال تشبه المقبرة الكبيرة
ألم يقل بول ريكور :الحياة دون خيال مجرد ظاهرة بيولوجية
تعليقات
إرسال تعليق