أهل الكتاب الأحمر ،مجموعة قصصية ،للروائي والقاص والشاعر التونسي سفيان رجب ،،يقول رولان بارط :"لا توجد شعوب في الماضي ولا في الحاضر ولا في أي وقت دون قصص "
فالإنسان يحيا من خلال القص،من خلال السرد ،أهل الكتاب الأحمر ،مجموعة قصصية تعيد صياغة الكثير من القصص المعروفة صياغة جديدة ساخرة وجريئة .
الكتابة ليست دائما القلب ،لعل هذا الحكم ينطبق على الشعر أكثر ،وإن كان الشعر أيضا موهبة وصناعة ،ولعل القصة تختلف ،القصة حبكة ذهنية ،وهو مايسميه أرسطو "بالميتوس"وسفيان رجب ،في هذه المجموعة ،أعاد حبكة،العديد من الأساطير الدينية ،والقصص القديمة ،وحتى القصص المعاصرة ،ولعل من أمثلة ذلك المزج الضمني بين شخصية البوعزيزي المعاصرة جدا ،وشخصية النبي ابراهيم وقصة الكبش فداء له ،سفيان في حبكته لأقصوصاته ،غير الأزمنة والأمكنة ومزج قصصا كثيرة ،في قصة واحدة ،أغلب الأحيان ،يقول توني موريسون :السرد متطرف يخلقنا في اللحظة التي يخلق فيها .
وقصص سفيان وضعتنا في طقس مختلف ،طقس سردي جعلنا نتماهى كثيرا معه ،ولعل طرافته تكمن ،في مستوى عال من الذهنية الساخرة ،الدالة على قاص ،يعيش أزماته الوجودية بذهن متقد وشجاع لا يخاف من طرح الأسئلة ،والعبث بأحداث مقدسة في معتقدات ما .
وسرديات سفيان ذهنية فيها الكثير من التفكير ،ولقد ميزت الباحثة المعاصرة ،في مجال السرديات المعاصرة :ماري لور ريو بين ثلاث مجالات في السرديات الإدراكية ،في علاقة بتمثل القصة في الذهن وهي :
-ذهن الشخصيات المتخيلة أو الورقية
-نشاط القاريء الذهني
_القصة باعتبارها تجليا لطريقة التفكير
وإذا ما طبقنا هذا الثالوث على أغلب قصص سفيان رجب في هذه المجموعة ،والتي كان بطلها عالم النفس يونغ ،والآلهة في صور متعددة التي تعاني من اضطرابات نفسية ،وتصطف كلها في عيادة الدكتور يونغ ،إضافة لأدم
فإن ذهن الشخصيات المتخيلة والمتمثلة في الألهة.قائم على التفكير في حلول لمشكلاتها ،ويفصح ذهنها عن اضطرابات نفسية
والقاريء وهو بصدد قراءة ذلك ،سيبدأ في تخيل القصة باعتبارها تجليا لطريقة التفكير ،ولن ينجح في ذلك إلا بمساعدة تأويله لها من خلال ذهن الشخصيات ،ولأن أغلب أقصوصات أهل الكتاب الأحمر ذهنية .
فتشكلها في ذهن القاريء العادي العامي ،يكون صعبا نوعا ما ،لكنها قد تتشكل بسهولة إذا كان القاريء مثاليا ،أي متمكنا من علوم عدة ولو بالنزر القليل من معرفتها ،كعلم النفس ،والمعرفة الدقيقة بالأساطير الدينية ،والمعرفة بأحداث تاريخية معاصرة ،مالثورة التونسية ،ورمزية البوعزيزي ،فربط صورة البوعزيزي بصورة النبي ابراهيم ،قد تعود لعلاقة سيميائية بسيطة وهي رمزية النار في القصتين .نار أولى في قصة أسطورية لم تؤذ صاحبها ،ونار أخرى أكلت صاحبها .
كتاب أهل الكتاب الأحمر ،كل أقصوصة منه تحتاج قراءة على انفراد ،لثراء كل أقصوصة تأويليا وأسلوبيا وسيميائيا.وحتى نفسياً ،حيث أن كل أقصوصاته تقريبا يمكن أن تخضع لمدرسة النقد النفسي ،لشخصيات الأقصوصات ،وربما أيضا لعالم الروائي أيضا ،فالكتابة في النهاية جزء لا يتحزأ من نفسية الكاتب وحيرته الوجودية ،لن أطيل أكثر ،لعلي أشوقكم لقراءة هذا الكتاب ،الذي لن تعود أنت نفسك بعد قراءته سيتغير داخلك شيء ما ،وربما ستبدأ بطرح أسئلة كثيرة ،وإن فعلت أيها القاريء ،فأنت بالتأكيد تفكر ❤️
عمل يذكر فيشكر
ردحذف