رسالة من الشاعر ياسين حراثي إلى رئيس الجمهورية

 

رسالة إلى رئيس الجمهورية


من المشاعر ياسين حراثي إلى الأستاذ قيس سعيد


"جعت يا سيدي الرئيس"


- كم هو عار على دولة ديمقراطية أن يجوع فيها مثقف. 


أما بعد سيدي الرئيس

 أوجه لك  رسالتي الثانية على التوالي وأنا جائع صدقني، لقد جعت في بلاد الحرية، جعت في بلاد الربيع العربي، في بلاد يحتويها الجوع والفقر بشتى أنواعه، في بلاد نزل فيها الدم من أجل لقمة عيش كريمة، في بلاد صنعت مجدا تاريخيا يضرب به العالم أجمع.

جعت في عهدك ياسيدي الرئيس وأنا من كنت من أول المساندين لك والضاربين على "الاسلاموين"... لكني جعت حقا جعت.


يقول شارلي شابلن "إن الجوع لا ضمير له" فعلا لا ضمير له وقال محمود درويش 


"أنا لا أكره الناس

ولا أسطو على أحد

ولكني إذا ما جعت

آكل لحم مغتصبي"


 أما المثل الأنڨليزي وأظن أنك تعرفه فيقول ليس للبطن الجائع أذن تسمع.


أتعرف ما الفقر ياسيدي ليس الجوع فقط بل الفقر هو القهر والظلم والذل إلى جانب الأكل والشراب هو أن تشعر دولة ديمقراطية حديثة بكل هذا.

إن الشعب الذي انتفض على الفقر و التهميش والبطالة وغلاء الأسعار منذ عشرة سنوات إلى الآن لازال على نفس الحالة، لذلك أقول لك وأنا محبط يائس تماما :إن الشعوب الجائعة لا تستطيع الصبر طويلا فحذاري من شعبك إذا جاع سيقلب الشارع رأسا على عقب وهذه المرة ليست كسابقاتها.


أقول لك بصراحة و اعذرني على صراحتي لأنها مرة كمرارة فمي وحقيقية والحقيقة في غالب الأحيان هي بمثابة السيف الذي ينحر الرقبة :أنت مساهم في تجويع الآلاف من التونسيين بطريقة أو بأخرى، أعرف أنك رجل نظيف ونزيه لكن الواقع مختلف تماما والشعب لا يؤمن بنظرية النظافة والنزاهة إذا جاع، و سؤالي هنا بدقة:

هل هناك سلطة أقوي  منك تساهم في تجويع الشعب و إذا كانت هناك سلطة بالفعل وأنا متأكد من هذا فلماذا لا تحاربها.. لمذا لا تتحرك، أين الزيت المدعم.. أين الفارينة.. أين السكر... أين السميد.. إنها ابسط مقومات العيش الكريم... تحرك أرجوك سيدي الرئيس فشعبك يتضرع جوعا... 

يقول الشاعر:


ليس للهوى من الجوع شيئا

حتى في الحزن زاد الغريب

إن الجوع صولة تذهب الوجد

وتنسي المحب ذكر الحبيب 


ويقول عمر ابن الخطاب انثروا القمح فوق رؤوس الجبال كي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين فما بالك إذا جاع إنسان.

سيدي الرئيس هناك أناس يتألمون من الجوع والحرمان والمرض بينما آخرون يلهون و يلعبون ولو أرادت حكومتنا المؤقرة لضعت في سلم أولوياتها مقاومة الفقر والخصاصة، لكن للأسف يريدون تجويع الشعب وتفقيره ومع ذالك أقول "إن البطون المليئة لا تفهم بالجوع.

إن الذين يثورون من أجل الجوع سيسكتون نهائيا إذا وجدو قطعة خبز تسد رمقهم، أما الذين يثورون لأجل الكرامة فلن يصمتو أبدا فما بالك إذا جاعوا وفقدو كرامتهم

حيث يقول مظفر النواب في هذا الصدد

مولاي..

 أنا في صف الجوع الكافر

مادام الصف الآخر

يسجد من ثقل الأوزار!

وتقول الحكمة إذا بدأ الشعب بإنتاج وصناعة النكتة مثلما هو حالنا الآن فاعلم أنه بدأ يشعر بالجوع والحرمان على، حيث النظام نجد الطعام وحيث الفوضى نجد الجوع ونحن في دولة الفوضى، دولة تحرمك من العيش الكريم بل تساهم في هلاكك....اتمنى أن تتحسس ولو قليلا ما هذه الكلمات الحارة واتمنى أن تكون هذه آخر رسالة ارسلها لك بعد رسالتي الأولى... انتهي الكلام  وجف .حبري وبلغ السيل الزبى.


نص الرسالة نقلناه حرفيا عن الشاعر ياسين حراثي

تعليقات