✍️:(عتبات القيروان 7):
خمسون عاما،
وبعض العمر مرّت،
مذ كنت في لون الحرث المبلل
وأسوار القيروان ورائحة الرمان
وزغب الطير الوليد..
وكانت امي تنشرني عند شفتيها،
وتلقنني سرّ الحكمة والأسرار..
ابدا، كانت تقول، ابدا،
لن تكبر يا حبة الكبد ابدا..
ثم كانت تسلمني
للكبار من صبية الحي،
هناك، خلف سور القيروان
بين مُضغة المهد
ومُضغة اللّحد
يعلمنني، كيف اخفي شهوتي،
وكيف اداري عورتي،
وكيف اخفي،
ككل الرجال،
ضعفي ودمعتي...
خمسون عاما وبعض العمر
مرت من عمري ...
وطويت منها الثلثين
بعيدًا عن أبواب القيروان
وفي وحشة غابة الخبز
والمر والحنظل،
كبر هذا الوطن...
كبر...كبر..كبر،
لم يعد ثوب امي رايته،
كما كان…
ولا بقايا ريح صدرها، مداه،
ضاع ريح صدرها في مداه....
كبر هذا الوطن
وضاع منّي وعنّي…وتاه
فاسقني ايها النادل المتجهم
خمرا آخر...
خمرك اللّطيف هذا
ليس حامضا بما يكفي،
فآسقني قنينة مُرّة ، علقم.
في لون وطعم دمي
ولا تذكّرني بالحساب،
لعلني، اصل القيروان
في قعر الكأس الأخير
وأرى وجه امي من جديد.
ولربّما يمطر القصيد...
ستغلق بعد ربع ساعة،
قلتها البارحة
وأوّل الأمس
وكلّما لاح بقاع الكأس
خيط من الضّوء ..
ستُغلق من جديد؟!…
وماذا أفعل الآن
ولم يكتمل المشهد بعد
ولم أتبيّن عتبة للقصيد؟؟!!.…
يا لقلبك الحديد
ايها النادل المُتجهّم البليد...
يا لقلبك الحديد...
(كمال العيّادي الكينغ)
تعليقات
إرسال تعليق